فصل: 2- النص:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: علم أصول الفقه



.أمثلة لأنواع المفاهيم من النصوص الشرعية ونصوص القوانين الوضعية:

.مفهوم الوصف:

قوله تعالى: {وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء: 92]
والمادة 466 ق. م: إذا باع شخص شيئا معينا بالذات وهو لا يملكه جاز للمشتري أن يطلب إبطال البيع.

.مفهوم الشرط:

قوله تعالى: {فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً} [النساء: 4]
والمادة 486 ق. م: إذا حكم المشتري إبطال البيع وكان يجهل أن المبيع غير مملوك للبائع، فله أن يطالب بتعويض ولو كان البائع حسن النية.

.مفهوم العدد:

«يسقط الحق في إبطال العقد إذا لم يتمسك به صاحبه خلال ثلاث سنوات» والمادة 76 من الدستور الملغي: «مدة عضوية النائب خمس سنوات»

.مفهوم الغاية:

قوله تعالى: {فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ} [البقرة: 230] وفي كثير من القوانين هذا النص: يعمل بهذا القانون إلى أن يصدر ما يخالفه.

.القاعدة الثالثة: في الواضح الدلالة ومراتبه:

الواضح الدلالة من النصوص: هو ما دلّ على المراد منه بنفس صيغته من غير توقف على أمر خارجي. فإن كان يحتمل التأويل والمراد منه ليس هو المقصود أصالة من سياقه، سمّى الظاهر؛ وإن كان يحتمل التأويل والمراد منه هو المقصود أصلاة من سياقه، سمّي النص؛ وإن كان لا يحتمل التأويل ويقبل حكمه النسخ، سمّي المفسر؛ وإن كان لا يحتمل التأويل ولا يقبل حكمه، سمّي المحكم.
وكل نصّ واضح الدلالة يجب العمل بما هو واضح الدلالة عليه، ولا يصح تأويل ما يحتمل التأويل منه إلا بدليل.
هذا القاعدة والقاعدة الرابعة الآتية، خاصتان ببيان الواضح الدلالة من النصوص الشرعية، وغير الواضح الدلالة منها، وبيان مراتب وضوح الواضح، ومراتب خفاء غير الواضح، وما يزال به هذا الخفاء.
وأساس التفريق بين الواضح وغير والواضح هو: دلالة النص بنفسه على المراد منه من غير توقف على أمر خارجي أو توقفه على أمر خارجي، فما فهم المراد منه بنفس صيغته من غير توقف على أمر خارجي فهو الواضح الدلالة، وما لم يفهم المراد منه إلا بأمر خارجي فهو غير الواضح الدلالة.
وأساس التفاوت في مراتب الوضوح هو: احتمال التأويل وعدم احتماله، فما فهم معناه من نفس صيغته ولا يحتمل أن يفهم منه معنى غيره، أوضح دلالة مما فهم معنى منه ويحتمل أن يفهم منه معنى غيره.
وأساس التفاوت في مراتب الخفاء هو القدرة على إزالة الخفاء وعدمها، فما في دلالته خفاء، ولا سبيل إلى إزالة خفائه إلا بالرجوع إلى مصدره وهو الشارع، أخفى مما في دلالته خفاء، والطريق ممهدة لإزالة خفائه بالبحث والاجتهاد.

.أقسام الواضح الدلالة:

وقد قسم علماء الأصول الواضح الدلالة إلى أربعة أقسام:
الظاهر، والنص، والمفسر، والمحكم: وهي في وضوح دلالتها على هذا الترتيب. فالمحكم أوضحها دلالة، ويليه المفسر، ثم النص، ثم الظاهر، وتظهر ثمرة هذا التفاوت عند التعارض.

.1- الظاهر:

الظاهر في اصطلاح الأصوليين هو ما دل على المراد منه بنفس صيغته من غير توقف فهم المراد منه على أمر خارجي، ولم يكن المراد منه هو المقصود أصالة من السياق، ويحتمل التأويل.
فمتى كان المراد يفهم من الكلام من غير حاجة إلى قرينة، ولم يكن المقصود الأصلي من سياقه، يعتبر الكلام ظاهرا فيه.
فقوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275]، ظاهر في إحلال كل بين وتحريم كل ربا؛ لأن هذا معنى يتبادر فهمه من لفظي أحلّ وحرّم من غير حاجة إلى قرينة، وهو غير مقصود أصالة من سياق الآية، لأن الآية كما قدمنا مسوقة أصالة لنفي المماثلة بين البيع والربا ردا على الذين قالوا: {إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا} [البقرة: 275] لا بيان حكميهما.
وقوله تعالى: {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً} [النساء: 4]، ظاهر في إباحة نكاح ما حل من النساء لأن هذا معنى يتبادر فهمه من لفظ، فانكحوا ما طاب لكم منهن من غير توقف على قرينة، وهو غير مقصود أصالة من سياق الآية؛ لأن المقصود أصالة من سياقها هو قصير العدد على أربع أو واحدة كما قدمنا.
وقوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} [الحشر: 7] ظاهر في وجوب طاعة الرسول في كل ما أمر به وكل ما نهى عنه؛ لأنه يتبادر فهمه من الآية، وليس هو المقصود أصالة من سياقه، لأن المقصود أصالة من سياقه هو: ما آتاكم الرسول من الفيء حين قسمته فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا.
وقوله صلى الله عليه وسلم في البحر: «هو الطهور ماؤه الحل ميتته»، ظاهر في حكم ميتة البحر، لأن ليس المقصود أصالة من السياق، إذ السؤال خاص بماء البحر.
وحكم الظاهر: أنه يجب العمل بما ظهر منه ما لم يقم دليل يقتضي العمل بغير ظاهره، لأن الأصل عدم صرف اللفظ عن ظاهره إلا إذا اقتضى ذلك دليل.
وحكم الظاهر: أنه يجب العمل بما ظهر منه ما لم يقم دليل يقتضي العمل بغير ظاهره، لأن الأصل عدم صرف اللفظ عن ظاهره إلا إذا اقتضى ذلك دليل.
وأنه يحتمل التأويل أي صرفه عن ظاهره وإرادة معنى آخر منه، فإن كان الظاهر عاماً يحتمل أن يخصص، وإن كان مطلقاً أن يقيد، وإن كان حقيقة يحتمل أن يراد به معنى مجازي، وغير ذلك من وجوه التأويل.
وأنه يقبل النسخ، أي أن حكمه الظاهر منه يصح في عهد الرسالة وفي زمن التشريع، وأن ينسخ ويشرع حكم بدله متى كان من الأحكام الفرعية الجزئية التي تتغير بتغير المصالح وتقبل النسخ.

.2- النص:

النص في اصطلاح الأصوليين: هو ما دل بنفس صيغته على المعنى المقصود أصالة من سياقه، ويحتمل التأويل. فمتى كان المراد متبادراً فهمه من اللفظ، ولا يتوقف فهمه على أمر خارجي، وكان هو المقصود أصالة من السياق، يعتبر اللفظ نصاً عليه.
فقوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275] نص على نفي المماثلة بين البيع والربا، لأنه معنى متبادر فهمه من اللفظ ومقصود أصالة من سياقه.
وقوله تعالى: {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 4] نص على قصر أقصى عدد الزوجات على أربع، لأنه معنى متبادر فهمه من اللفظ ومقصود أصالة من سياقه.
وقوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} [الحشر: 7]
نص على وجوب طاعة الرسول في قسمة الفيء إعطاءً ومنعاً لأنه المقصود من سياقه.
وحكمه حكم الظاهر، فيجب العمل بما هو نص عليه، ويحتمل أن يؤول أي يراد منعه غير ما هو نص عليه، ويقبل النسخ على ما بينا في الظاهر.
ولهذا أخذ من قوله تعالى: {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم...} [النساء: 4]، إباحة الزواج وقصر العدد على أربع أو واحدة.
فكل من الظاهر والنص واضح ألدلاله على معناه، أي لا يتوقف فهم المراد من كل منهما على أمر خارجي، ويجب العمل بما وضحت دلاله عليه إذا ما وجد ما يقضي هذا التأويل.
والتأويل معناه في اللغة: بيان ما يؤول إليه المر، وقال تعالى: {ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} [النساء: 59]، ومنه المال.
ومعناه في اصطلاح الأصوليين: صرف اللفظ عن ظاهره بدليل، ومن المقرر أن الأصل عدم صرف اللفظ ظاهره، وأن تأويله أي صرفه عن ظاهره، ولا يكون صحيحاً إلا إذا بني على دليل شرعي من نص أو قياس، أو روح التشريع أو مبادئه العامة، وإذا لم يبن التأويل على دليل شرعي صحيح بل بني على الأهواء والأغراض والانتصار لبعض الآراء، كان تأويلاً غير صحيح، وكان عبثاً بالقانون ونصوصه، وكذلك إذا عارض التأويل نصاً صريحاً، أو كان تأويلاً إلى ما لا يحتمله اللفظ.
من أمثلة التأويل الصحيح: تخصيص عموم البيع في قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275]، بالأحاديث التي نهت عن بيع الغرر، وعن بيع الإنسان ما ليس عنده، وعن بيع الثمر قبل أن يبدو صلاحه، وهذا من تأويل الظاهر، لأن الآية كما قدمنا، نص ظاهر في إحلال كل بيع ونص في المماثلة. وتخصيص عموم المطلقات في قوله تعالى: {وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنّ} [الطلاق: 4]. وتقييد الدم المطلق في قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ} [المائدة: 3]، بقوله تعالى: {أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً} [الأنعام: 145]. وهكذا من كل تخصيص أو تقييد، قضى به التوفيق بين نصوص القرآن والسنة.
وكذلك تأويل الشاة في قوله صلى الله عليه وسلم: «في كل أربعين شاة شاة»، والصاع من تمر في حديث المصرة: «من اشترى شاة مصراة فهو بالخيار بين أن يمسكها وبين أن يردها وصاعا من تمر»، فإن ظاهر الحديث الأول أنه لا يجزئ في زكاة الأربعين شاة إلا واحدة منها، ولا تجزئ قيمتها، وظاهر الحديث الثاني أنه إذا رد المشتري الشاة المصراة لا يجزئ في تعويض البائع عما احتلب من لبنها إلا صاع من تمر.
وهذا الظاهر، تقتضي حكمة التشريع والأصول العامة في التضمين تأويله وصرفه عن ظاهره، وإرادة معنى آخر يتفق معهما، لأن الغرض من إيجاب الشاة زكاة للأربعين دفع حاجة الفقراء، وقد تكون دفع حاجة الفقير بقيمة الشاة أكثر توافراً، فيراد بالشاة شاة، أو ما يعادلها من كل مال متقوم، ولأن الغرض من إيجاب صاع من تمر هو تعويض البائع عما أتلفه من لبن شاته. وقد يتراضيان على التعويض بقيمة اللبن، أو بأي تعويض آخر غير الصاع من التمر، والمقصود هو مثل ما أتلف أو قيمته، وهذا هو الأصل العام شرعاً في ضمان المتلفات. وكذلك تأويل الثلث للأم بثلث ما بقي بعد فرض أحد الزوجين في إحدى المسألتين الغراوين، منعاً من زيادة نصيبها في الإرث عن نصيب الأب.
ومن أمثلة ذلك في القانون الجنائي: لفظ الليل في جعله جريمة السرقة وفي جريمة إتلاف المزروعات ظرفاً مشدداً، فإذا أخذ بظاهر النص أريد بالليل من غروب الشمس، إلى شروقها، ولكن هذا ربما لا يتفق وحكمة الشارع في جعل الليل ظرفاً مشدداً، لأن الغرض تشديد العقوبة على من يغتنم الظلام فرصة لارتكاب جريمته، فيراد بالليل إذا خيم الظلام، وربما لا يكون ذلك أثر غروب الشمس مباشرة.
ومن التأويل الذي هو موضع نظر: تأويل قوله تعالى: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} [المائدة: 89]، بإرادة عشرة مساكين أو مسكيناً واحد عشر مرات.
وقوله تعالى: {فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً} [المجادلة: 4]، بإرادة ستين مسكيناً أو مسكيناً واحد ستين مرة.
وقوله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: 86] بإرادة الهبة، أي إذا وهب أحدكم هبة فليعوض الواهب خيراً منها أو مثلها.
وإغلاق باب التأويل كله والأخذ بالظاهر دائماً، كما هو مذهب الظاهرية، قد يؤدي إلى البعد عن روح التشريع والخروج عن أصوله العامة، وإظهار النصوص متخالفة.
وفتح باب التأويل على مصراعيه بدون حذر واحتياط، قد يؤدي إلى الزلل والعبث بالنصوص ومتابعة الأهواء، والحق هو في احتمال التأويل الصحيح وهو ما دل عليه دليل من نص أو قياس أو أصول عامة، ولا يأباه اللفظ بل يحتمل الدلالة عليه بطريق الحقيقة أو المجاز، ولم يعارض نصاً صريحاً.